10/11/2012

مصر: استفتاء يكرس انقسام الشعب
يدلي المصريون غداً السبت بأصواتهم في استفتاء على الدستور في مناخٍ سياسي داخلي يسوده التوتر والانقسام. فهذا النص الدستوري ولد في ظروف غير طبيعية وبات يسمى دستور " الإخوان".




الاستفتاء على الدستور فرض ليشكل مخرجاً من الأزمة التي أشعلها الرئيس محمد مرسي ووقع فيها، وكان لا بد لجماعة " الإخوان المسلمين" أن تنقذه بعدما تصدّعت شرعيته وصورته في الداخل والخارج. إذاً مجرد إجراء الاستفتاء يُعتبر نقطة لمصلحة الإسلاميين.

أما لماذا قررت أحزاب المعارضة في جبهة الإنقاذ الوطني المشاركة بالتصويت ضد الدستور بدل مقاطعة الاقتراع، فلأن المقاطعة ليست لها شعبية ولا يسهل تسويقها في الداخل ولا في الخارج مهما بلغ التفاهم لمبرراتها.

لكن المعارضة وضعت لائحة بمعايير النزاهة التي يجب أن تتوفر في الاستفتاء وأهمها بالطبع الإشراف القضائي الكامل، وتوفير الحماية الأمنية في مراكز الاقتراع، وضمان الرقابة المحلية والأجنبية.

خلافاً لأي اقتراعٍ سابق منذ الثورة، تكثر هذه المرة التوقعات بإمكان حصول أعمال عنفٍ يعزوها البعض إلى ما يسمونه ميليشيات " الإخوان" أو سواهم من الأحزاب الإسلامية التي تتعامل مع هذا الاستحقاق على أنه معركة حاسمة مع القوى المدنية والليبرالية، وتعتقد أن ال " نعم" للدستور ستفوز استناداً إلى أن الرأي العام غير المسيّس يريد تجاوز الأزمة آملاً في عودة الاستقرار.

إلا أن المعارضة تستعد لخوض صراعٍ طويل وتراهن على المخالفات المتوقعة للتشكيك في نتيجة الاستفتاء وشرعيته، كما أن معركتها ستتواصل لتعديد المواد الخلافية التي تتعلق بصلاحيات الرئيس أو تقحم تفسيراتٍ للشريعة الإسلامية من شأنها أن تحدّ من الحريات العامة، ويعني ذلك أن الاستفتاء لن ينهي الانقسام العميق في المجتمع المصري.

أما حصول الإسلاميين على دستورهم لن يوطد حكمهم، بل سيجعلهم أكثر فأكثر مصدراً للتوتير. والأكيد أن هذه الأزمة ستبقي مصر في أجواء ثورةٍ ثانية، يُفترض أن يستوعب الإسلاميون دروسها وألا يواصلوا نهجهم الانقلابي الذي قضى عملياً على التوافق الوطني الذي تميزت به ثورة 25 يناير.